الزر السياسي للسلاح غير التقليدي.
موجات تسونامي للغزو بالهجرة السرية.
هذه الصورة مركبة من عدة صور تظل في ملكية اصحابها،
و نحن نشكر مجهوداتهم التي تساهم في بناء العالم، و الاجيال اللاحقة.
- مقدمة:
نقلا عن بيان لوزارة الداخلية الاسبانية، افاد ان 39 الف و 970 مهاجرا سري، و غير قانوني، وصلوا الى الارض الاسبانية، فقط في الفترة ما بين 1 الى 15 شتنبر من سنة 2024 مقارنة مع نفس الفترة من سنة 2023 حيث كان العدد تقريبا 15000 مهاجر، و هو ما يمثل زيادة بنسبة وصلت 49,1 %.
يكاد يكون هناك اجماع حول خطورة الارقام، و المعطيات، بما يوجب حقا تفكيك، و تحليل عميق للظاهرة، في حالتها، و شكلها، و حدة اثارها في الوقت الراهن.
- الجذور العوامل.
تعتبر ظاهرة الهجرة غير القانونية، من الظواهر القاتلة، و تتسبب ضحايا و قتلى بالاف كل سنة، و في كوارث كبيرة، و كثيرة،. و لها اثار وخيمة على الانسان و السياسات و الاقتصاد...
* 1 غزو بشري:
اذا كان عدد المهاجرين الغير القانونيين، وصل الى عشرات الاف في اقل من شهر واحد، فهذا يعني ان العدد الذي يصل كل سنة هو كارثي بكل المقاييس، ويتجاوز قدرة اي بلد على استيعاب الاعداد المتزايدة من موجات الهجرة كل سنة، و قد يصل الى مئات الاف، بما يهدد بحدوث تغييرات ديموغرافية خطيرة على مستوى بنية السكان، و المجتمع، كما يهدد بحدوث ازمة موارد، و ازمة شغل، و ارتفاع معدلات الجريمة، و يهدد الامن العام، و السلم الاجتماعي في اسبانيا...
لعل تصريحات شخصيات اليمين الاسباني، خصوصا حزب فوكس، و الفريق النيابي، الذي يتشكل منه في البرلمان الاسباني، تعكس مخاوف، شديدة الخطورة على استقرار، الوضع الجيوستراتيجي، و الديموغرافي، بل ان هذه التصريحات، تحتاج فعلا الى متابعة من مجلس الامن القومي في اسبانيا، ما دام الامر يتعلق في الاخير بحالة ابتزاز، و ضغط سياسي، الغرض منه احداث نية الضرر المتعمد، و في اطار منهجي، و سياسي، و امني، و اقتصادي...
و هذا يستوجب التحرك بحكمة لاحتواء الظاهرة و تبعاتها، من اجل الحفاظ على الكثير من التوازنات الوطنية المحلية، و الاقليمية، و الدولية، هذه التوازنات تتوزع ما بين مواضيع توازنات العلاقات الدولية، و توزانات الاقتصاد، و التوازنات الاجتماعية...
* 2 من بين النتائج:
فوق كل الذي سبق، هناك تهديد حدوث ازمات اقتصادية، و عمرانية، و سوسيولوجية، و ادارية، و ازمات سياسية، و دبلوماسية، فضلا عن الكلفة المالية المباشرة لتحمل اعباء مئات الاف من المهاجرين، و العمل على إدماجهم، و الكلفة الغير المباشرة المرتفعة جدا، نتيجة خلخلة التوازنات، و المخططات الاقتصادية، و الاجتماعية، و الثقافية، و طبعا الامنية، بل و تهديد السلامة الجسدية لمواطني دولة اسبانيا، حيث لاحظنا في الايام القليلة الماضية، كيف تحولت قضية الاعتداء بالضرب و السرقة على سبعيني اسباني، لا حظ الجميع كيف تحولت القضية الى موجة غضب على مستوى الرأي العام الاسباني، و الاوروبي؟، و كيف كادت الامور ان تخرج عن السيطرة، لتتحول من مجرد جريمة جنائية معزولة، الى حرب شوارع، تحرق شوارع اسباني.
ـ 1 من بين الاسباب:
بلغت ظاهرة ما يصطلح عليه بالهجرة السرية الجماعية، حد الطفرة، عندما اصبحت عائلات بأكملها بما فيها الاب، و الام، و الاطفال يركبون قوارب الموت، او يتسلقون السياج الحدودي، الفاصل بين المغرب، و سبتة، او مليلية، املا في التخلص من الاضطهاد، و التفقير المنهجي، و الأمية المصنوعة عن طريق تحطيم التعليم المقصود، و المتعمد، خوفا من تشكل مواطن واعي، قادر على مساءلة الدولة، و هروب من البيروقراطية، و الفساد الذي يسيطر على تفاصيل الحياة اليومية، و تؤكد التقارير الاممية ان معدلاته من بين الاعلى في العالم بالمغرب مثلا، بسبب طبيعة مفهوم السلطة التاريخي، القائم على منطق الاخضاع، و الولاء المطلق، و التبعية، طبعا هنا الانفجار بموجات الهجرة السرية، و غير القانونية، كان في وجه اسبانيا مباشرة، بفعل القرب الجغرافي من اوروبا، و اسبانيا خصوصا. و على اعتبار ان المغرب من اكبر الدول المصدرة للهجرة في العالم، فضلا عن انعدام سياسة صحة عمومية، و معدلات رهيبة من بطالة، و الجريمة... الامر يشبه مختبر كيميائي لانتاج قنابل بشرية، تحت ضغط القمع، و انعدام الحقوق.
ـ 2 قراءة:
حيث انه حسب تعبير وسائل اعلام اسبانية، و كذلك في الاوساط السياسية و الاكاديمية في هذا البلد، فان الهجرة السرية سلاح غير تقليدي، تتحكم فيه ايادي معينة، تستهدف من وراءه ممارسة الضغوط، و الابتزاز السياسي على المحيط، و دوله.
- الأشكال.
تتعدد مظاهر، و اشكال ظاهرة الهجرة الغير القانونية، الى الحد الذي يمكن وصف مهربي البشر بالمبدعين في مجال اجرامهم، في محاولة منهم للمواكبة المستمرة، بخصوص تطورات التقنيات، و الوسائل الحديثة في مجال حفظ الامن على الحدود، و داخل البلدان المستهدفة بهذه الظاهرة، و مقومات، و تجهيزات قوات خفر السواحل، انها حرب من خلالها، تأخد الظاهرة عدة اشكال، و ابعاد، و الهامش الذي يعطي متنفس، و هامش لقوى الظلام و الاجرام، يسمح لها بالاسمرار، هو اللعب على المحاولة الدائمة على تجاوز الاجراءات الامنية، و خداع المعدات الحديثة، للحصول على اداء معكوس، يمكن من فتح ثغرات، تمكن من اقتناص فرص و فجوات، من خلالها يتم تنظيم رحلات، و قوافل الموت، سواء عن طريق البر، او البحر، او بطرق اخرى، يبقى القاسم المشترك الفعلي، هو السرية، و التخفي، عن متناول اجهزة المراقبة، و الفرق الامنية.
* 1 مراحل التطور:
ان تتبع خط السير الزمني للاحداث، يفسر فعلا لماذا يتم تداول القراءة، و المقاربة التي اعتمدها جزء من النسيج العلمي، و السياسي، و الاعلامي، و الاكاديمي، و كذلك على مستوى الرأي العام في اسبانيا، و التي مفادها ان الهجرة السرية، الغير قانونية، بالفعل سلاح غير تقليدي، يظهر ذلك اكثر من خلال السياق التاريخي، و السياسي، و الدبلوماسي، المتزامن مع التحريك المتعمد لموجات الهجرة المتحكم بها في بعض الاحيان نحو اسبانيا. و استغلال، و توظيف الظاهرة، من اجل الحصول على مكاسب، و امتيازات.
مرت الهجرة غير النظامية بالعديد من المراحل، و يمكن ربط بداياتها في المغرب مثلا، على اساس انه من بين اكبر مصدري الهجرة النظامية، و غير القانونية.
ذلك ان البداية كانت في اواخر التسعينات، و يمكن ربطها بما اسماه الملك الراحل الحسن الثاني، ب "السكتة القلبية"، إثر عشرين سنة من الجفاف، و القحط الذي هدد حتى بقاء الدولة في تلك المرحلة, و الحسن الثاني كان يتحدث عن بداية انهيار الدولة بعد انهيار المنظومة الاقتصادية، التي كان يسميها العاهل المغربي في تلك المرحلة ب "اقتصاد الفلاحي" دفع هذا الوضع ملايين العاطلين الى البحث عن مخرج اقتصادي، بعد انحصار اي امل في افاق تطور الاقتصاد، و غرق المغرب في المديونية، و التضخم، و العجز التجاري، لقد فرض الوضع الاقتصادي المعقد على هذا البلد الدخول في ماسمي بمرحلة "التقوبم الهيكلي" في عااقته مع صندوق النقد الدولي، و اابنك اادولي، كجهات دائنة، و هي مرحلة جعل الاقتصاد في خدمة الدين العام، ما ادى الى تقليص ميزانيات قطاعات خدماتية عمومية حيوية، مثل الصحة، و التعليم، و الشغل، و السكن، ما افرز حالة طاردة للسكان نتيجة الظروف الاقتصادية، و المعيشية.
بالنظر الى النجاح الذي يحققه بعض الشباب في ارض المهجر، بدأت حالات النجاح تغري المزيد من المرشحين للهجرة غير النظامية، بسبب قلة تكاليفها المالية، و خلوها من المساطر، و الوثائق، و الشروط التعجيزية القانونية، و من تم ازدهرت تجارة الموت هذه، فخرجت للوجود مهن مرتبطة بهذا النوع من الهجرة السرية، مثل الوسطاء، و المروجين للرحلات السرية، بتقنيات بدائية، عن طريق دعوات للهجرة بالتواصل الشفهي المباشر، بسبب الظروف الامنية، و نتيجة مطارة قوات الامن للمرشحين للهچرة، و المنظمين لها كذلك، من المهن المستحدثة قراصنة او ربابنة الرحلات السرية، و سماسرة، و سطاء في مهن اخرى مرتيطة بواقع الهجرة غير النظامية، الى الدرجة التي اصبح معها القول جائز، ان الهجرة غير القانونبة اصبحت تجارة سرية، مستقلة، و بمستويات، و ابعاد متكاملة.
بعد ان اعتمد المغرب خطط لوضع بنية تحتية في الشمال، جاء ميناء طنجة الدولي الجديد، ليقدم خدمات جليلة لمهربي البشر، و تزدهر اكثر ظاهرة الهجرة الغير قانونية.
* 2 مظاهر تتبلور:
تمظهرت ظاهرة الهجرة السرية في اشكال متعددة، و عبر اساليب كثيرة، و متنوعة، منها تنظيم رحلات سرية، و غير قانونية، بين مجموعة من الشباب، عن طريق زوارق الموت الانتحارية، او التسلل عبر شاحنات تصدير السلع، او التسلل عبر الحدود الجغرافية، او عن طريق تزوير جوازات السفر، و التأشيرات، لتتم الهجرة في بعض الاحيان من المطارات النظامية، او عن طريق الزواج التبيض، او التجاري... تظل اخطر هذه التمظهرات، هو على شكل تنظيم جماعي لرحلات سرية جماعية على نطاق واسع، اما عن طريق البحر، و اما عن طريق البر، و اما داخل حاويات الشاحنات، أو بإستعمال زوارق مطاطية سريعة، او حتى التسلل سباحة في البحر كما سلف توضيحه، و في فترات تميزت بتوترات في العلاقات السياسية، و الدبلوماسية بين المغرب، و اوروبا عموما، او اسبانيا بوجه خاص، و بالفعل التوقيت، و القدرة على التحكم في وجود الموجات، و اطلاقها، من عدمه، تحيل على القول ان هناك فترات يتم فيها التساهل عن عمد مع ظاهرة الهجرة السرية، و في فترات يتم فيها التشدد في مواجهة الهجرة السرية، و هذه الفترات غالبا ما تكون سابقة لتلقي دعم مالي، او فني، و تقني، او عيني ما اوروبي، او من اجل الضغط، و الابتزاز لتحصيل مكاسب معينة، ليثبت المغرب، عن طريق بيع الوهم، انه شرطي اوروبا في الضفة الجنوبية، و لإستحقاق الدعم الاوروبي، او عندما تكون هناك ازمة في العلاقات مع اوروبا، و اسبانيا بالتحديد.
- سياق مضطرب.
لا يمكن بأي حال من الاحوال، فصل السياق التاريخي، و السياسي لظاهرة الهجرة الغير قانونية، عن ما يحدث فعلا من احداث، و طرق تدبيرها، و المقاربات السياسية و الامنية المعمول بها، انطلاقا من هذه المعطيات، يتم رصد مجموعة من الاحداث الاكثر توضيح، و تسليط للضوء من غيرها على خلفيات الظاهرة، و اكثر تكريسا للإستغلال السياسي للهجرة، رغم انها معطى طبيعي في الاصل، لكنه يفتقر الى التنظيم المواكب للواقع، و الاحتياجات الحقيقية فيه.
* 1 احداث مؤلمة:
إتضح في صبيحة يوم الاثنين 11 سبتمبر، من سنة 2024، ان المغرب عندما يشاء كبس زر ايقاف الهجرة السرية، يفعل ذلك بكل سهولة، ذلك ان هذا الاثنين عرف محاولة اجتياز السياج الحدودي، من طرف اكثر من 2000 مهاجر افريقي، هذا السياج بعلو حوالي اكثر من 12 متر من الارتفاع، و الفاصل بين مدينة مليلية التي هي تحت الحكم، و السيادة الاسبانية، و بين الحدود الجغرافية المحيطة بهذه المدينة من جهة المغرب، الغريب في الامر ان قوات الامن المغربية، و على غير عادتها، قامت بالتصدي بواسطة الرصاص الحي، لمنع المهاجرين الغير قانونيين، بكل قوة من العبور الى ما وراء السياج الحدودي الشائك، فكانت نتيجة هذا التدخل حسب ما اعلنت السلطات المغربية، مقتل 37 شخص من المهاجرين الافارقة، من جنوب الصحراء، فورا في موقع الحادث نفسه، و 76 شخص عدوا مفقودين، او مجهول مصيرهم، لانهم قد يكونوا مضافين الى عدد 340 مهاجر غير قانوني، تمكنوا من الدخول الى مدينة مليلية في نفس حادث الاقتحام بالقوة، في حين بلغت حصيلة الاصابات في صفوف رجال قوات الامن المغربي، حوال 300 عنصر اصابة بعضهم كانت خطيرة، و توفي البعض الاخر ميدانيا اثناء التدخل، او عند بلوغه المستشفى، او اثناء فترة العلاج، و النقاهة نتيجة الاصابات الخطيرة في الحادث.
* 2 ردة الفعل:
تعتبر سياسة الزر، لتفعيل سلاح الهجرة غير القانونية، ضد خصوم سياسيين، او للضغط من اجل تحقيق مكاسب مادية، او دعم هنا، او هناك، ابتزاز واضح، كما ان استخدام سلاح غير تقليدي في اي منطقة من العالم، يعتبر امر خطير جدا، يستدعي وقفة للتأمل، و فرصة لإعادة بناء المنظومة الامنية الاوروبية الاسبانية، و مراجعتها، و تحيين المعطيات في الملف، من اجل المواكبة الفعلية لكل التطورات، و النتائج التي يفرزها ملف الهجرة الغير قانونية، و تطوير القدرات على معالجة و تدبير اوجه الخطورة المتضمنة، و المبينة سلفا في هذا الرأي، بخصوص موضوع الهجرة السرية، و غير القانونية دائما، لذلك على المجتمع، و الدولة في اسبانيا، و اوروبا المستقبلتين للهجرة، العمل على ايجاد مقاربات، و حلول اكثر نجاعة، و عمق، ربما تنطلق من الاستثمار و تنمية مناطق محددة بعينها، تصدر الهجرة اكثر من غيرها بفعل واقعها السياسي، و القانوني، و الاقتصادي، و الاجتماعي، و من خلال تدقيق النظر في العناوين من معطيات وثائق التعريف الشخصية، و بطاقات هوية المرشحين للهجرة غير القانونية، التي تحيل على مناطق ينطلق منها المهاجرون، اكثر من غيرها، من اجل خوض رحلات الموت الجماعي، و من اجل ادماج مقاربات تنموية، تستهدف هذه المناطق بخاصة، من اجل انقاص، و تقليص نسبة الهجرة منها.
- افاق و امال.
رغم ان الارقام تؤشر الى واقع قاتم في مجال الهجرة الغير القانونية، الا ان الامال تبقى معقودة على المجهودات المبذولة، يبقى الامل في الحد من الاثار المدمرة، و الخطيرة للظاهرة، لإحداث تغييرات جذرية في مجال اجتراح، و ابتكار الحلول، و ايجاد مقاربات، و وسائل معالجة حديثة للمعضلة و مرنة، تستجيب للمعايير القانونية، و العلمية، و معايير الاخلاق الانسانية.
* 1 مقاربات جديدة:
يحتاج فعلا الامر الى مقارابات، و وسائل جديدة، في ما يخص الهجرة السرية، الغير قانونية، ما دامت هذه الظاهرة في ازدهار.
التفكير من حارج الصندو، اصبح ضرورة و ليس امتياز، او رفاهية، لبلورة حلول مبتكرة، تستجيب لغاية تنظيم الهجرة بطريقة قانونية، و نظامية.
ـ 1 حلول مقترحة:
ان الحاجة ماسة اليوم الى تعديلات تشريعية، و تنظيمية، و قانونية، تتميز بحالة من المرونة، تسمح بإعادة ترحيل المهاجرين الغير قانونيين، و الفائض عن حاجة الاقتصاد الاسباني، او اي دولة تستقبل المهاجرين، او تشكل محطة نهائية، و مقصد للهجرة غير القانونية بالنسبة للأيدي العاملة، و المهاجرين.
يجب الدخول في موجة مضادة لتطوير الحالة التشريعية، و القانونية، و الاقتصادية، تتناسب، و الحاجة الى مواجهة الابتزاز، و الضغط السياسي، و في نفس الوقت تسمح بتن.يم اكبر، و اكثر دقة، يستجيب للحاجيات الواقعية و الاشكالات الفعلية المطروحة في ارض الواقع، و يبدأ الامر من التشخيص الجيد، و الدقيق، من اجل صف العلاج و الحلول الاقرب الى تلبية تطلعات كل الاطراف المتورطة في ضرر اشكالات الهجرة غير الشرعية.
- 2 مراجعات:
كما يتطلب الامر اعادة النظر في الدعم، و التمويل المقدم الى عدة جهات غير اوروبية، من اجل تمويل، و دعم جهود هذه الاطراف، لمنع او الحد من الهجرة الغير قانونية.
لان الدول الاوروبية على سبيل المثال، و التي تعاني بسبب الجغرافيا من تواجد دول جارة مصدرة للهجرة غير القانونية، هذه الدول الاوروبية احق بهذا الدعم، و التمويل، بالنظر الى الحاجة، و الإمكانية التي توفرها قيمة هذا الدعم في سبيل تطوير وسائل، و طرق، و اساليب للتعامل مع الظاهرة، تكون اوروبية خالصة لمواجهة هذه الآفة، و اوجه الخطورة التي تحدثها، و بسبب ان بعض الاطراف تستغل الظاهرة من اجل الإبتزاز السياسي، و المالي، و الامني، و يحتاح الامر فعلا الى تطوير طرق، و اساليب حديثة لحفظ الامن، و الدفاع الشرعي عن المجتمع، و الدولة.
ـ 3 الابتزاز السياسي:
إذن الاولى ان اموال الابتزاز يتم اعادة توجيهها نحو الدول الاوروبية، التي تعاني من الهجرة و تبعاتها كما قلنا، و الابتزاز و عواقبه، بغرض تطوير قدرات اوروبا الخاصة الامنية، و العسكرية، و اللوجستية، و وسائل المراقبة، و قدرات التدخل الفوري، و الحاسم لمنع اي محاولة للهجرة الغير قانونية، بإستعمال القوة الاوروبية نفسها بعد استفادتها المشروعة من اموال كان الاتحاد الاوروبي، يقدمها على شكل رشوة مقابل ايقاف الهجرة السرية، و الغير قانونية بدون طائل، فليكن الامر إذن تحت عنوان "في اطار ترشيد النفقات"، و اعادة توجيهها نحو اوجه الصرف الصحيحة، و القانونية، و المشروعة.
لانه اذا استمر الوضع على ما هو عليه، سيكون لزاما على المنظومة القانونية، و التشريعية الاوروبية التحرك الفوري للعمل على مواجهة هذا الابتزاز النظامي، و المنهجي ضد التراب، و المصالح الاوروبية، و يشكل تهديد فعلي للتوازن الديموغرافي، و الوجودي لاوروبا كاملة.
يجب تكوين ملف قانوني، يحتوي على الوثائق، و الادلة، و المستندات التبوثية التي توضح اوجه الضرر الاوروبي من ظاهرة الهجرة غير القانونية، كما توثق بشكل مادي، و ملموس وجود ابتزاز سياسي منهجي، و وجود غزو بشري بإستعمال سلاح غير تقليدي، يهدد الوجود و المصالح الاوروبية.
* 2 ارتباطات ايجابية:
_1 تحولات في تدبير الملف:
هذه الرؤيا القائمة على توجيه اموال اوروبا، لاوروبا نفسها، تنسجم تماما مع دعوة قيادة "حلف الناتو" الى زيادة نسبة ميزانية الدفاع من 2 % إلى 5 %، و في نفس الوقت تحقق اهداف عميقة جدا للامن الاوروبي المشترك، على رأسها تحسين قدرة الدول، اعضاء الاتحاد الاوروبي، على تأمين حدودها بنفسها من ظاهرة الهجرة الغير قانونية المكلفة، و المدمرة.
فضلا عن الحد من تهريب المخدرات، و هي سلاح اخر غير تقليدي يوظف في الاضرار باوروبا، و كذلك خطر الارهاب، و العديد من الاشكالات، و المعضلات التي يجب ربطها مع بعضها و ملفاتها الامنية، و المخابراتية، في حزمة امنية واحدة، من اجل التغلب على تعقيداتها الامنية، و القانونية، و كذلك زيادة، و تكثيف، و تركيز جهود التمويل، و جعله اكثر دقة، و كفاءة، و تشكيل تكتل قوى عسكرية، و امنية، و مخابراتية، و فرق عمل قانونية مثل المحامين، و المستشارين القانونيين المتخصصين في شؤون الهجرة غير القانونية، الى جانب جمعيات المجتمع المدني، و المنظمات الحكومية، و الاممية، و منظظات المجتمع المدني، و شخصيات كبيرة من الباحثين، و الاكاديميين في مجال الهجرة غير القانونية، لهم خبرة، و معرفة كبيرة بالملفات، و على الارض يعمل تحالف امني، و مخابراتي كبير، و قوي لمواجهة العصابات الاجرامية، و المافيات المنظمة، و الدول المتورطة في توظيف، و استعمال العصابات الاجرامية كأوراق ضغط، و ابتزاز سياسي، ليقول القضاء الدولي كلمته في النهاية.
_ 2 دعم اضافي للمقاربة:
ان عمل المنظمة الدولية للهجرة، يحتاج فعلا الى اعادة توجيه، لان اداءها لا يأخذ بعين الاعتبار الاسباب الحقيقية الكامنة وراء تفاقم ظاهرة الهجرة الغير قانونية، حيث يؤكد عدد كبير من الخبراء، و الباحثين في الظاهرة ان 90 % من حجم الظاهرة، نجد ان العوامل المسببة لها هي عوامل اقتصادية، ناتجة بدورها غياب الديموقراطية، و نتائج هذا الامر على الانسان، من التفقير و القمع، و الاضهاد الاقتصادي، و سوء توزيع الثروة، و غياب الحقوق، و الحريات الاقتصادية، بما يؤكد ضرورة ادماج المنظمة الدولية للهجرة، لمنظمة الشغل الدولية التابعة للامم المتحدة، و منظمات، ومؤسسات دولية، و اقلمية، و محلية...، و العمل على اعتماد معدلات النمو كمعيار لتصنيف البدان التي تشكل وجهة صحيحة للبحث عن العمل، و فرص العيش الكريم، هذا بالنسبة للبلدان التي تعتبر ناجحة اقتصاديا، من اجل ايجاد سبل لتزويدها بالمهاجرين، و اليد العاملة التي تحتاجها في الاصل، بطريقة قانونية، لمواكبة النمو، و الحفاظ على ازدهار منظومتها الاقتصادية.
كما و يجب العمل على تقديم الدعم، و المساندة الامنية، و المالية، و الاقتصادية الضرورية، كذلك الامنية العاجلة، من المنظومات القارية، و الاقليمية، و الدولية، و الامم و المتحدة، و المنظمات الدولية الحكومية، و الاممية، و من منظمات و كيانات المجتمع المدني، للحد من الهجرة غير القانونية التي تعاني منها بلدان معينة، تحتاج فعلا الى دعم قوي، و لا تستطيع تحمل تبعات الهجرة السرية لوحدها منفردة، و كذلك تخفيف الاثار التدميرية الداخلية، على المجتمع، و الدولة، و الاقتصاد، و الامن...
- المنظمة الدولية الاممية للهجرة.
. تعريف.
المنظمة الدولية للهجرة، و تعرف اختصارا ب (IOM) و هي المنظمة الحكومية الدولية الاولى عالميا في مجال تنظيم الهجرة، أنشأت سنة 1951، وتجسد الايمان الفعلي بمبدأ الحق في الهجرة الإنسانية، كونها من الحقوق المنصوص عليها في الاعلان العالمي الاممي، لميثاق حقوق الانسان، تعمل المنظمة على التوفيق في الاراء، و المؤاقف، و التوليف بين بين مصالح دول التصدير، و الاستيراد في مجال الهجرة، كما تعمل على حماية حقوق المهاجرين كبار، و قاصرين، اناث، و ذكور، افراد، و جماعات دون تمييز. تعمل المنظمة على تعزيز، و تثمين دور الهجرة الإنسانية، كمحرك للتنمية الاقتصادية، لكن عندما تكون هذه الهجرة منضبطة للقانون، و المعايير الدولية المعمول بها، و المنظمة تعمل كذلك من خلال تقديم الخدمات، والمشورة للحكومات، و المهاجرين، والمساعدة في إدارة الهجرة بطريقة منظمة وإنسانية، و اخلاقية، و تعزيز التعاون الدولي بشأن قضايا الهجرة، وإيجاد حلول عملية للمشاكل الناجمة عن الهجرة، و تقديم المساعدات الإنسانية، و المساهمة في عمليات الانقاذ، للمهاجرين المحتاجين.
تتفرع المنظمة الدولية للهجرة عن منظومة الأمم المتحدة النظامية، الرسمية، وتعمل في أكثر من 100 بلد في مختلف ارجاء العالم.
* 1 سياسة المنظمة:
من جهتها تعمل منظمة الهجرة، وشؤون اللاجئين الدولية، التابعة للامم المتحدة، على تكريس حقوق المهاجرين، من حيث المبدأ هذا جميل جدا، فهو امتداد لثقافة حقوق الانسان بأقل تقدير، و محاولة جدية لتنظيم مجال الهجرة القانونية، و جعلها متاحة، بالشكل الذي يمنع مجرد التفكير في الهجرة غير القانونية، ما دامت الشروط، و الانساق القانونية متوفرة، و بسهولة، بفعل تبسيط حدوث الهجرة القانونية بسلاسة، و بدون تعقيدات، او اجراءات تعجيزية.
* 2 نقائص في الاداء:
لكن ما يعاب على المنظمة الدولية للهجرة, و اداءها، ليس فقط المقاربة، بل و ايضا النتيجة ايضا، فالقوانين التي يفرزها عمل المنظمة، تظل قاصرة عن ملامسة، او الاحاطة بكل الجوانب بخصوص الظاهرة، لأن الهجرة، و اختيار مكان العيش، صحيح انهما من الحقوق التي تضمنتها جملة من بنود المواثيق الدولية لحقوق الانسان، التي تطرقت لموضوع الهجرة، و إعتبرتهما من الحقوق، و الحريات، لكنها لا تحتمل الفوضى و العشوائية التي عليها اليوم.
لان الإحاطة بكامل الصورة يجب ان تأخذ بعين الاعتبار مواقف، و اوضاع الدول المستقبلة للهجرة، و كذلك المصدرة لهذه الظاهرة، و حجم المخاطر التي تواجهها جراء هذه الهجرة هذه الدول، خصوصا لما تكون الهجرة غير القانونية موظفة كسلاح بغرض الاضرار بالغير، ما يفرض مجموعة من الاسئلة الموضوعية، و المحايدة، التي تحتاج اجوبتها الى تجميع معطيات الصورة، و الى نوع من التبئير، و التركيز في التناول، و المعالجة، و المقاربة بالتالي:
- ما هي نتيجة سوء تقدير الحجم الفعلي لعدد المهاجرين؟.
- بناء عليه ما هي الأضرار التي تحدثها الهجرة غير النظامية، و غير القانونية؟.
- ما مدى الفوضى و خطورة، و التأثير، و حجم الارتباك الامني، و الخلل الاقتصادي... العاجل و الفوري، و اللاحق الذي تسببه الهجرة غير القانونية؟.
- ما مدى فداحة الاضرار على المستوى السياسي، و الاقتصادي، و الاجتماعي؟.
- كذلك، ما تأثير غياب الاستعداد من طرف الدول المستقبلة للهجرة الغير القانونية؟.
- آليات التنسيق.
غياب التنسيق يؤدي الى مفارقات، و تناقضات، ما بين واقع الهجرة الغير قانونية، و الصورة على مستوى الوعي العام العالمي، و واقع المؤسسات، التي تشتغل بنوع من الهدر في طاقاتها. بما يوجب حقا مراجعة الاداء، و المقاربات، و الوسائل، للحصول على نتائج مغايرة، على رأسها تحسين طرق، و وسائل، و فرص التعاون، و التنسيق بين الدول و مختلف المتدخلين و الفاعلين في مجال الهجرة بنوعيها النظامي، و الاجرامي.
من مظاهر هذه المفارقات استفحال ظاهرة الهجرة غير القانونية، و الاخطر هو الارتفاع المستمر في اعداد ضحايا، و جثث الهجرة السرية، التي يفشل مرشحوها في الوصول الى وجهتهم النهائية، ويسبق الموت اليهم.
* 1 فراغ كبير:
إن غياب اليات للتنسيق بين الدول المصدرة، و المستقبلة، و المنظمة الدولية للهجرة، و مختلف الفاعلين، و المتدخلين، و الكفاءات العلمية، و الاكاديمية، و الباحثين، و المنظمات، و الكيانات ذات الصلة بموضوع الهجرة، ما يخلق حالة من انعدام الاستقرار السوسيواقتصادي، عبر العالم بأضرار كبيرة جدا، و الحل الوحيد هو التنسيق القانوني، و التشريعي، و المؤسسي، بغرض التطور المستمر، للخروج من حالة الجمود، و الفشل، و لو عن طريق النصوص التشريعية التكميلية، و وضع استراتيجية للتنسيق، و العمل المشترك الشفاف، تسمح بمرونة كبيرة جدا على مستوى اجراءات، و سلاسة مساطر الترحيل، و اعادة المهاجرين الى بلدانهم الاصلية، و العمل على تسهيل السبل القانونية للسفر، و السياحة، و الهجرة القانونية، و المواكبة المعد لها مسبقا، نتيجة القدرة على توقع تقديرات صحيحة لاعداد المهاجرين الغير قانونيين، و العمل على تقديرات محينة، و محدثة، قريبة جدا من الواقع، بأقل تقدير.
* جسور التواصل:
لانه في كثير من الاحيان، و نتيجة غياب التنسيق، و التشاور المستمر، تكون مناطق بالفعل تحتاج الى مهاجرين، و يد عاملة موسمية، او دائمة، لكن بسبب الظروف الامنية، و السياسية، و التعتيم الذي يلف الظاهرة، و بسبب الجغرافية، او المعطيات الثقافية، و الايديولوجية، لكن خصوصا بسبب نقص التنسيق... تكون الهجرة بإتجاه بلدان، لا تحتمل هجرات اليها، و تعيش معاناة في الاصل من اثار هذه الظاهرة، من مشاكل ديموغرافية، و اقتصادية، و تشغيلية، و مالية، و تنظيمية... يضاف اليها اعباء اعداد هائلة من المهاجرين الغير قانونيين، و غير المنضبطين، و غير المعد لهم، بواسطة برامج تتناسب مع حجم الاعداد الهائلة، و الغير المتوقعة منهم، و على عكس ما تقتضيه دوافع الهجرة الرئيسة في العالم،و هي الاسباب الاقتصادية، و المهنية، و خارج قدرة البلدان المستقبلة للهجرة السرية على الاستقبال، و الاستيعاب، و الايواء، و التأطير، و الادماج. مع ان الامر كان يحتاج الى مجرد توجيه بسيط، يتم من خلاله توجيه الهجرة، و المهاجرين نحو الوجهات الصحيحة، التي تعيش طفرات اقتصادية، و تحتاج فعلا الى مهاجربن، و يد عاملة اجنبية، و هذا من اثار غياب الية بسيطة، و غير مكلفة، و هي التنسبق.
- دور رائد للامم المتحدة.
تتعتبر الامم المتحدة الفاعل الحكومي الاساسي رقم واحد على مستوى العالم في مجال الهجرة، و تضطلع بهده الادوار في مجال تنظيم، و تقنين الهجرة، و التصدي للهجرة غير القانونية، و ادوار تقنية في مجال التشريع، و التنسيق بين الدول، و الحكومات، و مختلف الفاعلين، و المتدخلين في هذا المجال.
* 1 زيادة فعالية الاليات:
بالنسبة للامم المتحدة، بدورها جعلت من تيمة الهجرة موضوع اشتغال كبير، و محور عمل اقتضى تخصيص مؤسسات تعد فرع من فروع الامم المتحدة الرسمية، و النظامية، ذات الطبيعة القانونية، مثل المنظمة الدولية للهجرة، و شؤون اللاجئي.
كما خصصت الامم المتحدة مجموعة من نصوص القانون الدولي لنفس الغرض، بكل التيمات الرديفة، و الفرعية، و الفروع المؤسساتية... مشكلة دورها، و بنيتها و هيكلة عناصرها بشكل واضحة، و هي سليمة التكوين القانوني، بما يعطيها شرعية عالمية لتناول موضوع الهجرة، و تدبير اشكالاته، و العمل على تقنينه، و تنظيمه، فضلا عن ارتباطات اخرى، غير مباشرة، او مباشرة لكن مؤثرة، مثل مواثيق الامم المتحدة لحقوق الإنسان، و الكثير من المؤسسات الدولية، و المحلية التي يمكنها المساهمة في تقريب وجهات النظر، و اقتراح حلول تنبثق من معاينات، و مشاهدات، و مواكبة لتطورات ظاهرة الهجرة الغير الشرعية.
* 2 القدرات الفعلية:
لكن القدرة على التنظيم الفعلي، و الواقعي الميداني للهجرة، كانت ضعيفة جدا في العقود الاربعة الاخيرة، الى درجة وصف النتائج المحققة بالضعف، و الهزالة على مستوى النتائج امنيا، و تشريعيا، و تنظيميا، و قانونيا و مسطريا، و اداريا... ما سبب ضحايا، و قتلى، و مآسي حقيقية و جثث, ما بين حدود البلدان المصدرة، و المستوردة للهجرة غير الشرعية، و على سواحلها.
على مستوى الامم المتحدة دائما، و قوانينها، و سياساتها، العالمية، يمكن القول ان النهج المعتمد جعل نصوص القانون الدولي غير ذات معنى، اذ لا سبيل لتحقيق مبادئ، و بنود نصوص القانون الدولي، في ظل غياب اليات تلزم الدول بهذا القانون، و مدى استجابة الدول هي في الغالب فقط نتيجة استفحال معاناة هذه الدول، جراء ارتفاع منسوب الهجرة الغير قانونية اليها، و عبر العالم هذا المعطى صحيح.
عدم القدرة على السيطرة على الظاهرة جلي جدا، ما دامت الهجرة غير القانونية في واقع مزدهر، و النصوص، و التقارير الدولية، و المحلية تتحدث عن واقع مغاير تماما تظل طبيعتها مثالية،و غير واقعية، و ما دامت اغلب حالات الهجرة، تتم خارج الاليات القانونية، و سرية، بإعتبارها جرائم قانونية في الاصل.
* 3 قدرة الدول منفردة لا تكفي:
بالنسبة للامم المتحدة، و المنظمة الدولية للهجرة، و شؤون اللاجئين في هذ السياق من الفوضى في واقع الهجرة، يجب عليها ان تحدث صندوق عالمي تابع لمنظمة الهجرة، و متفرع كذلك من الامم المتحدة مباشرة، من حيث الماليه، و التمويل.
دوره تقديم الدعم المالي، و التقني، و الامني، و الاقتصادي، و البشري اللازم لمواجهة حملات، او طفرات طارئة، و مفاجئة، و عاجلة في تطور منسوب المهاجرين الغير القانونيين على تراب اي دولة يحدث فيها مثل هذا الامر، و يأخذ بعين الاعتبار وتيرة استقرار المهاجرين في ارضها، و هذا الدعم العاجل شبيه تماما بالصندوق الاممي للكوارث الطبيعية، حيث الهجرة السرية واحدة من هذه الكوارث، التي يمتد الضرر منها الى مجالات اخرى حيوية، في بلدان الاستقبال الطارئ للهجرة، مثل تدهور الامن، او التوازنات الاقتصادية لهذه البلدان. لذلك يبقى الحل هودعم البلدان المستقبلة للهجرة، و توزيع البرامج التنموية، بشكل مكثف، نحو المناطق المصدرة للهجرة.
* 4 بث التنمية:
تتعدد برامج التنمية عبر العالم، لكن يلاحظ غياب الفعالية فيها، بما يوجب التفكير في برامج تنمية خاصة بالمناطق المصدرة للهجرة، بغرض دعم الاستقرار فيها، و تعويض الفقر، و البطالة، و التفكك الاجتماعي، بأنماط، و برامج، و خطط، و استراتيجيات، من شأنها العظلعلى دفع المحتاجين للهجرة الى الاستقرار، و جعل عمل المؤسسات الدولية اكثر دقة في المعالجة عن طريق صحة،و دقة المعطيات، و المعلومات التي يتم البناء عليها، مع انتهاج طرق اكثر اعتدلا في التشريع، و اكثر مرونة في منح تراخيص السفر، و تنظيم الهجرة القانونية، و كذلك تشجيع الدول على جعل اجراءات الهجرة بسيطة، كما تسمح بترحيل المهاجرين غير الشرعيين، و الشرعيين غير المرغوب فيهم على تراب اي دولة.
* 5 خارطة الهجرة و العمل:
يحتاج العالم الى تشكيل خارطة عالمية، تضم، و تبين معطيات عن مواقع الدول المصدرة للهجرة، و تبين كذلك مواقع البلدان المستوردة للهجرة، و مواقع البلدان المستهدفة بالهجرة، و هي غير راغبة فيها، و مناطق انطلاق، و مسارات رحلات الموت السرية، و توضح طرق و اساليب هذه الهجرات، و ظعطيات اخرى ذات صلة بالهجرة السرية، تسمح بالقراءة، و التشخيص الصحيح للإشكالية الخطيرة، لانه اذا توفرت المعطيات بما فيها الجغرافية.
يمكن هذا الوضع من تنسيق فعلي، بين مناطق تصدير، و استقبال المهاجرين، بما يوفر فرص الهجرة، و العمل، دون الحاجة الى تعريض المرشحين للهجرة السرية، و غير القانونية، للاخطار القاتلة، او العقوبة الحبسية التي تلي اعتقال المهربين، و المنظمين لهذه الرحلات الخطيرة، و يمكن للرؤية التي تتضح اكثر بإشراك مختلف الفاعلين، و المتدخلين في هذه الظاهرة الافة، من اجل محاولة الاحاطة بحيثبات، و تفاصيل المعطيات السرية للهجرة غير القانونية، بغرض الحد من حالة الفوضى، و الجريمة التي تصاحب وجود الظاهرة، و يمكن المهاجرين من التوجه الى الوجهات ألصحيحة التي تحتاج بالفعل الى المهاجرين، و توفر فرص الشغل، و العيش الكريم، دون الدخول في بحث عن فرص في البلدان الخطأ التي تزيدها الهجرة تعقيدات، و مشاكل عويصة.
*حلول أممية:
الامم المتحدة لديها برامج تنمية كثيرة، و متنوعة عبر العالم، لو تمت زيادة منسوب البرامج، و المشاريع التنموية، سواء في ما يخص التنمية المستدامة، او البشرية، او الاقتصادية، او التعليم، و التعليم المهني، و الحرفي... في المناطق المصدرة للهجرة، بن عمن التركيز، بل و وضع برامج خاصة اضافية، الهدف منها زيادة الوعي بالامكانات، و الفرص المحلية، و المساعدة على استغلال هذه الفرص، و استثمارها، و تقديم الدعم الاممي في هذا الباب من خلال حملات التوعية، و التحسيس، و برامج التعليم، و بواسطة برامج للمشاريع الصغيرة، و الخاصة المدرة للدخل، و دعم اشكال معينة من التنظيم الاقتصادي مثل التعاونيات، و المقاولات العائلية للانتاج المهني، و الحرفي، و دعم البرامج المحلية للحكومات التي تعتبر بلدانها مصدرة للهجرة في مجالات التنمية التي تعتمدها، و اطلاق حملات تحسيس، و توعية ضد مخاطر الهجرة الغير قانونية، و اخيرا دعم الاستقرار الأسري، و الاجتماعي، و نشر قيم تكافل العائلة.
ـ حماية و دعم الديموقراطية.
يؤثر غياب الديموقراطية، و الحقوق، و الحريات القانونية على جوانب اخرى من بنية المنظومة السياسية، و الاقتصادية، و الاجتماعية للدولة، و المجتمع، و الفرد...، انه يأخذ شكل نوع من التشكيل للطابع الهوياتي، الذي يجعل من البيئة القانونية، و المعيشية، و الاجتماعية، تفرز انماط من الشخصية الانسانية تعكس بالضرورة الشروط، و المعايير، و القواعد القانونية، و الاجتماعبة التي تتكاثف لتركيب هذه الانماط السلوكية، و النفسية، التي تميل الى الفرار من حالات الاضطهاد، في ظل غياب الحقوق، لتتحول هذه البلدان الى مصانع لانتاج الموت، و القمع، و تدفع شعوب كاملة الى الفرار، من الات الاضطهاد.
* اسباب مسكوت عنها:
تتشكل غالبا البيئات الطاردة للسكان، نتيجة غياب الحقوق الاقتصادية، و الاجتماعية، و القمع و الاضطهاد، او حتى نتيجة غياب الحريات، و الحقوق السياسية.
هذه الوضعية تجعل من هذه الاوساط غير قابلة للعيش بالنسبة للسكان المحليين بفعل الاضطهاد، و الفساد، و بالتالي نسبة جريمة عالية، و بطالة، و فقر، و امراض، مع غياب سياسات للصحة العمومية، و انتشار الامية، و اختلاس ميزانيات البرامج التنموية الاممية، و الدولية، و في اطار الثنائية، لمساعدة الدول لبعضها، بما يحول هذه البلدان الى مصدرة للهجرة نتيجة انحسار الافق في تحصيل العيش الكريم، او نيل حقوق سياسية نتيجة سياسات القمع، و تكميم الافواه، المعتمد نهج لتدبير الشأن العام في مجموعة من الدول المتخلفة، كل هذا يصنعه حاكم جشع، و ظالم هنا او هناك، يحاول احتكار السلطة، و الثروة، و القوة، و يرى في النموذج الشمولي، الديكتاتوري، القمعي الدوغمائي... نموذج لنظام الحكم، و منهج لممارسة السلطة.
* هل المسألة سيادية؟:
هنا يصبح الامر متجاوز تماما لمبدأ السيادة، و احترام شرعية الدول، و سلطاتها داخل حدودها الجغرافية، و الترابية، و حدود نفاذ قوانينها بالمعنى القانوني.
ان الامر حتما يكون ذي صلة بدول اخرى، تصل اليها موجات الهجرة نتيجة الاضطهاد، و السجون، و التعذيب الوحشي، و التفقير المنهجي، و بسبب الفساد، كان الامر فعلا سيبقى في حدود، و تحت سيادة دول ما، جعلت من حدودها الجغرافية معتقل مفتوح على الطبيعة للتعذيب و الإضطهاد المنهجي. لو ظل المشكل على ترابها يمكن القول نسبيا انه سيادي، لكن و قد وصل رعايا الاضطهاد، الى دول اخرى فقد اصبح الموضوع دولي، لذلك على المنظومة الدولية جعل الديموقراطية معيار، و شرط لولوج، و عضوية الامم المتحدة، و المعاملات الدولية، حتى الاقتصادية، و التجارية منها على وجه الخصوص، و الدبلوماسية، و عموم العلاقات الدولية.
- استغلال القاصرين.
استغلال القاصرين في الحروب، و الصراعات، يصنف في القانون الدولي جرائم حرب، و هناك منظمات حقوق الطفل الاممية، و الامم المتحدة نفسها، و المنظومة الدولية، و اامن.مة الدولية للهجرة..، و قد رأت كلها كيف تم الزج بالقاصرين في ملف الهجرة الغير القانونية!؟.
انه نوع من استغلال القاصرين، و استعمالهم في عملية الضغط، و الابتزاز السياسي، دون ان تحرك اي جهة ساكن، رغم ان هذا الاستغلال، و التوظيف، يفضح نوايا، و تواطؤ اجرامي.
* 1 خطورة الظاهرة:
اخطر ما في ظاهرة الهجرة السرية، او الغير قانونية، هو ارتفاع نسبة القاصرين الذين يحاولون الانتقال من مكان الى اخر في العالم بدون رفقة، و لا حماية، او من بلد الى اخر في ظروف غير نظامية، و لا قانونية، و في ظل غياب اي نوع من انواع الحماية الامنية، او الرعاية الطبية، و في اغلب الاحيان في ظروف اقل ما يقال عنها انها جد قاسية، و هذا ما يسمح بإقتراف الكثير من الجرائم في حق هؤلاء القاصرين، لتبقى طي الكتمان، في عالم السرية، و الظلام، الذي تحاول الهجرة الغير قانونية الاحتماء، و الاختباء فيه، و لعل السبب الرئيس لإزدياد حالات تعاطي الاطفال، و القاصرين للهجرة غير القانونية، هو بشكل اساسي، انهيار منظومة الاسرة، او الحاضنة الاجتماعية للاطفال، مع غياب اي نوع من التأطير النظامي، او التنشئة الاجتماعية، و تعقيدات العيش تحت الضغوط اليومية النفسية، و الاقتصادية، و الاجتماعية، وجه الخطورة الاكبر يتجسد في كون الاطفال، او القاصرين الذين يخوضون رحلة الموت، يتم التكتم اكثر على عددهم، او وجودهم من الاصل، سواء كانو مصحوبون بذويهم، ام يهاجرون بشكل مستقل، و منفصل عن الاسر، في محاولة للتفلت من العقوبات الجنائية المشددة على من يساعد قاصر على جريمة الهجرة غير القانونية، و هذا اخطر، و الغرض هو محاولة انجاح الرحلات السرية الخطيرة، بعيدا عن اي تسريب حول تفاصيل الرحلة لمصلحة قوات الامن.
بالتالي المعطيات حول القاصرين تكاد تكون منعدمة، عدى ما تقدمه مراكز الايواء الخاصة بالاطفال، و القاصرين في اسبانيا مثلا، و بعض الدول المستقبلة للهجرة غير القانونية،بحكم انها تصبح امام حالات تكون مضطرة الى تشكيل ملفات امنية، و قانونية حول كل مهاجر على حدى، سواء كان بالغ، او قاصر، للتعامل مع منظمة الهجرة الدولية، و الامم المتحدة، و البلدان الاصلية للمهاجرين، اما الدول المصدرة للهجرة فغالبا ما لا تحيط علما بالاعداد الحقيفية للمهاجربن، او تتظاهر بعدم المعرفة لتتجنب اي مسؤولية، و تتجنب ترحيل رعاياها، الذين يتحولون في ارض الهجرة الى مصدر للعملة الصعبة، عن طريق التحويلات المالية التي يقوم بإرسالها الى اوطانهم الاصلية، و بسبب طابع السرية الخطير، و هذا يعكس شفافية عمل الدول المستقبلة للهجرة، و موثوقية، و مصداقية ارقامها، و ملفاتها، لانها حالات واقعية، و مادية تخص مهاجرين افراد، او اسر، قاصرين، او إناث، او ذكور.
* 2 ارقام مخيفة:
تمثل جزر الكناري فقط نسبة 1 % من مجموع مساحة اسبانيا الجغرافية، لكن بالمقابل يقطنها حوالي 4 % من مجموع سكان اسبانيا، من مجموع تعداد السكان البالغ 48 مليون نسمة، لكن لوحده هذا الأرخبيل يستقبل 50 % من المهاجرين القاصرين غير المصحوبين بذويهم، البالغ تعدادهم 6000 قاصر على ارض الارخبيل فقط، جاء صدور هذه الاحصاءات، إثر تعديل قانون الهجرة في حكومة الارخبيل، و حكومة مدريد العاصمة المركزية، و في اطار النقاش العمومي المفتوح على قضايا وطنية للعمل المشترك، حيث ان جزر الكناري، تتمتع بإستقلال ذاتي، و تعمل على التنسيق مع الحكومة المركزية في مدريد، هذا التعديل التشريعي، قضى بتخصيص ميزانية اضافية مخصصة لنقل، و توزيع المهاجرين غير القانونيين، القاصرين منهم على وجه الخصوص على بقية مراكز الاستقبال المنتشرة في بقية الجغرافية الاسبانية، و بتمويل اضافي قدره 100 مليون اورو، و للإشارة هنا، فإن عدد المهاجرين القاصرين في كل اسبانيا وصل الى اكثر من 15045 منهم 10123 مغاربة، اي بنسبة 68 % منهم 6 % طفلات إناث قاصرات.
هذه الارقام بخصوص القاصرين، تكاد تنبئ من تلقاء نفسها، عن وجود تواطئ، و إعداد و تربص، و نية اجرامية، تنم عن خطورة و تهديدات امنية يجسدها بشكل ظاهر، و واضح الابتزاز، و الضغط السياسي، و المالي بطريقة اجرامية.
- خاتمة الجزء الاول:
صرح النائب في البرلمان الاسباني "خوان سيرجيو ريدوندو": "إن هناك محاولة لإغراق مدينة سبتة بالمهاجرين... إن مسألة توزيع المهاجرين الغير قانونيين القصر و غير المصحوبين تعتبر ضرر لمصالح اسبانيا في الوقت الذي يجب ترحيلهم..."
تعتبر سياسات، و قوانين الهجرة، و حتى منظمات المجتمع المدني، و الاممية، و الحكومية، فضلا عن المؤسسات الدولية، و الاممية و على رأسها الامم المتحدة، و المنظمة الدولية للهجرة، و وزارات الهجرة، و القطاعات، و المؤسسات ذات الوصاية العمومية في شأن الهجرة، برأيي المتواضع تبذل مجهودات جبارة لكن في اتجاهات غير مثمرة لحد الان، فالأرقام التي ترصدها مختلف الجهات الفاعلة، او ذات الصلة في مجال الهجرة الغير قانونية، تفيد ان الظاهرة ما زالت خارج السيطرة بنسبة كبيرة، و في حالة نمو, و ازدهار مضطرد، بما يهدد استقرار الدول، و التوزيع الديموغرافي، و يرفع حجم الضغط على الموارد الطبيعية، و المالية الذي يمثله الإرتفاع المفرط، و المفاجئ في تعداد السكان، بفعل موجات الهجرة الغير قانونية، و التي قد تكون في بعض الاحيان، اوراق سياسية للضغط، او اسلحة غير تقليدية، قد تصل خطورتها الى حد التهديد بتغيير المعطيات الديموغرافية، في البلدان المستهدفة، او اسقاط الاقتصاد.
لعله من الجيد اعادة النظر في الحكم السلبي على الجدار الذي بناه الرئيس الامريكي "دونالد ترامب" في الحدود بين امريكا، و المكسيك، من خلال احكام معلبة، مسبقة، و جاهزة، في كونها عنصرية ، لان الجدار تجسيد لحجم الفوضى الحقيقية، التي تحدثها الهجرة عندما تكون غير قانونية، في الوقت الذي يجب النظر للم ضوع على انه حس وطني. (يتبع)...